بسم الله الرحمان الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي أشرف المرسلين نبينا محمد صلي الله عليه وسلم ، واله وصحبه اجمعين .
فهذه رسالة مختصرة في بيان أصح ما ورد في باب : صفة الوضوء والطهارة في الإسلام ، حيث الحاجة ماسة لبيان ذلك لانتشار كثير من البدع والمخالفات في هذه الامور ولكثرة حاجة المسلمين اليها، وكثرة استعمالهم لها.
باب الوضوء والطهارة في الإسلام
نسال الله ان ينفع بها المسلمين وان يتقبل منا هذا العمل المتواضع ويجعله عملا صالحا ، في ميزان مؤلفه محمود بن الجميل وكذا في صحيفة جميع المسلمين والمسلمات آمين يا رب العالمين، انه جواد كريم.
أ. تعريف الوضوء Ablution
الوضوء اصطلاحا هو غسل أماكن مخصصة من جسم االإنسان ، إستجابة لله تعالى حيث قال الله في كتابه العزيز:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ۚ وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا ۚ وَإِن كُنتُم مَّرْضَىٰ أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ ۚ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَٰكِن يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ .
هذه الآية العظيمة قد اشتملت علي بيان صفة الوضوء وأركانه ، وبعض الامور والأحكام المتعلقة به، فاليك بعض الفوائد التي نستفيدها من هذه الآية الكريمة :
1. موجبات الوضوء Obligations of ablution
- ان يتوضأ العبد إيمانا بالله عز وجل واستجابة لامره تبارك وتعالي.
- وجوب السعي الي الصلاة والقيام لها وحضور الاماكن التي تؤدى فيها ، وتحري أوقاتها ، والاهتمام بذلك .
- ان الوضوء يكون واجبا عند إرادة الصلاة، فإذا توضأ ينبغي استحضار ان هذا وضوء للصلاة ، وليس للتنشيط ونحو ذلك من الأغراض التي قد يحتاجها العبد في وقت من الأوقات .
- ان الوضوء والطهارة عموما شرط في صحة الصلاة ، فإذا أراد العبد ان يصلي فعليه ان يتوضأ ، فإذا كان متوضأً فقد حصل المراد ولا يكون الوضوء حينئذ واجبا عليه ، لوجوده بالفعل .
- ان الوضوء لا يجب الإتيان به الا عند دخول وقت الصلاة ، والا فان التبكير لذلك لصلاة النوافل القبلية والرواتب انما هو من الاعمال المستحبة ، بدلا من الانشغال بالوضوء والطهارة بعد دخول الوقت فيتعذر في بعض الاحيان الإتيان بالنوافل والسنن القبلية بسبب ضيق الوقت خاصة في هذا الزمان حيث يبكر بإقامة الصلاة .
- ان الطهارة عموما والوضوء خصوصا يجب عند إرادة اي صلاة سواءٌ كانت صلاة فريضة يومية او صلاة جمعة او صلاة جنازة او صلاة استسقاء ، او كانت صلاة نافلة ، وأما السجود للتلاوة والشكر خارج الصلاة فان الافضل فيه ان يكون الانسان متوضأً ، وان كان لا يجب لان السجود وان كان جزأً من الصلاة الا انه لا تنطبق عليه جميع أحكام الصلاة .
2. وجوب الغسل في الوضوء douching
وجوب غسل الوجه
- وجوب غسل الوجه ، والوجه معروف ، وهو ما يواجه به الانسان ، وحده من منابت شعر راس الانسان العادي وليس الأصلع او الذي انحسر شعر راسه الي وسطها ، الي اخر الذقن طولا ، ومن الأذن اليمني الي الأذن اليسري عرضا . ولم يذكر في الآية المضمضة ولا الاستنشاق ولا الاستنثار ، وان ثبت عن النبي ( ص) كما سيأتي ، مع كونه لم يتركهما البتة في وضوء توضأه . وهذا محمول علي ان الامر في الآية مجمل وان السنة فصلته ، ومقام النبي (ص) من البيان لمراد الله عز وجل ، ومداومته علي ذلك لهو اكبر دليل علي انه واجب ، سواء اعتبرنا المضمضة والاستنشاق من الوجه او لا .
- وان كان الاول اولي وأصح فتكون الآية شاملة للأمر بالمضمضة والاستنشاق . ويدخل في الوجه ما كان به من الشعور وان كانت قليلة او كانت كثيفة ، كشعر العارضين ، وشعر اللحية ونحو ذلك ، فان كانت من الخفيفة فلا بد من إيصال الماء الي البشرة ، وان كانت كثيفة اللحية غالبا فيكتفي بغسل ظاهرها دون تكلف إيصال الماء الي بشرة الوجه .
- وجوب غسل اليدين الي المرفقين ، والصواب ان المرفقين داخلان في ذلك فلا يجوز الاقتصار علي غسل ما دونهما وتركهما . وجوب غسل الرجلين إلى الكعبين والمعدان أيضاً داخلان في وجوب الغسل .
3. وجوب المسح في الوضوء Survey
وجوب المسح في الوضوء
- وجوب مسح الرأس ، والآية ليست دليلا علي مسح بعض الرأس ولا علي مسح كله ، فان معني الباء فيها محتمل ، لذلك كان بيان النبي ( ص) ، كما سيأتي _ هو الحكم والفاصل بين الفهمين وبين القائلين بالكل والبعض ، وقد صح عنه ( ص) انه كان يمسح رأسه كله وليس بعضه وستأتي كيفية ذلك قريبا ان شاء الله تعالي ، وعليه فتكون الباء في الآية الملاصقة وليست التبعيض . ان المسح أيضاً يكون باليدين كما سيأتي في الحديث وليس مطلقا كما فهمه بعض اهل العلم ، والسنة شارحة للقران .
- وجوب المسح ولا يصح صب الماء علي الرأس دون إمرار اليدين عليهما .
- وجوب الترتيب المذكور في الآية بقرينة محافظة النبي ( ص) عليه ومداومته علي ذلك . هذا بالنسبة بالأعضاء مطلقا ، اما بالنسبة لتقديم اليمين علي الشمال ، فهذا فعله ( ص) ، وكان يحب التيمن ( ص) ، وأمر من غسَّل ابنته بقوله : (( ابدآن بميامنها ومواضع الوضوء منها )).
- وهذا كله يدل اما علي الوجوب وهو قوي ، او علي الاستحباب الأكيد . وجوب استعمال الماء في الوضوء وانه لا يصح استبداله بغيره الا عند فقده سواء كان ذلك عينا بان صعب الحصول علي الماء بالمرة ، او حكما بان وجد ماءً نجسا ، او ماء لا يكفي الا لشربه ، او وجد الماء ولكنه يضره استعماله كالمريض ونحوه من اصحاب الأعذار ، فهولاي اذا احتاجوا للوضوي او الغسل ولم يجدوا الماء فانهم يتيممون بالتراب الطيب الطاهر وذلك بمسح وجوههم وأيديهم من التراب وستأتي كيفية التيمم من خلال السنة ان شاء الله عز وجل لتواصل بيان القران بالسنة وقول النبي (ص) وفعله.
4. نواقظ الوضوء Ablution Awakeners
نواقظ الوضوء
- ان الغائط ونحوه ناقض للوضوء ، وأما ملامسة المرأة فان المقصود بها هنا علي الراجح هو الجماع الموجب للغسل وليس مجرد مس المرأة ينقض الوضوء الا اذا ترتب عليه ناقض للوضوي كخروج مذي ونحوه من النواقص ، وقد صح ان النبي ( ص) كان يصلي في بيته وعائشة رضي الله عنها مضطجعة أمامه ورجلها في قبلته فإذا سجد غمزها فقبضت رجلها ، ولم يكن يتوضأ (ص) ولم يامر أحدا مست يده يد امرأته او امه او اخته ان يتوضأ، او انه اصبح محدثا، ولا بد هنا من التفريق بين حرمة مس المرأة الاجنبية وبين انتقاض الوضوء من مسها، فالصحيح كما سبق ان مس المرأة عموما والأجنبية خصوصا ليس بناقض في نفسه الا اذا ترتب عليه ناقض اخر.
- ولا يمنع هذا ان مس المرأة الاجنبية حرام.
- إن من أجنب من جماع أو احتلام فاغتسل بتعميم بدنه بالماء كما سيأتي بيانه فان ذلك يكفيه عن إعادة الوضوء عند إرادة الصلاة ، وهذا اذا كان محافظا علي طهارته ولم يأت بناقض أثناء الغسل كمس ذكر ونحوه.
- أما مس اليد المقصود به ما بينه النبي (ص) من انه إلي الكوعين ( أي: الرسغين) وليس إلي المنكبين، وانه مرة واحدة كما صح عنه (ص) ويأتي.
- وان مسح الوجه يكون بإمرار اليد عليه ليس بإدخال التراب في الفم والأنف كما في المضمضة والاستنشاق.
ب. التيمم Tayamum
- إن التيمم يكون بكل ما يصدق عليه صعيد ، من تراب ورمل وغيره مما يكون علي وجه الأرض ، وإذا تيسر التراب الذي له غبار فهو أولي من غيره بحيث يكون هناك ما يمسح به امتثالا للآية .
- وان يكون طاهرا ليس بنجس.
- إن التيمم يصلح بدلا عن الوضوء وعن الغسل ، فمن انتقض وضوءه أو أصابته الجنابة وأراد أن يصلي ولم يجد ماء فانه يتيمم .
- إن التيمم لا يجب أيضاً إلا فيما يجب فيه الوضوء والغسل سببا و وقتا .
- في الآية إن الله عز وجل شرع لنا الطهارة رحمة بنا وإرادة للخير لنا وليس من باب الحرج والمشقة والأتعاب ، بل كما أمرنا سبحانه بتطهير قلوبنا من الشرك بالتوحيد فكذلك نطهر أبداننا وظواهرنا من النجاسات والأحداث فسبحانه وتعالي من رب رحيم حكيم .
- فوجب علينا شكره ووجب علينا حمده ومحبته والانقياد لأمره والسعي في مرضاته .
Tags
الوضوء